بيان الألكسو بمناسبة اليوم العالمي للمعلم 5 تشرين/ أكتوبر 2023

بيان الألكسو بمناسبة اليوم العالمي للمعلم 5 تشرين/ أكتوبر 2023

 

تحتفل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم باليوم العالمي للمعلم الموافق ليوم 5 تشرين الأول/ أكتوبر من كل سنة، إحياء لذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المعلمين، والمؤشرات المرجعية المتعلقة بحقوقهم ومسؤولياتهم ومعايير إعدادهم الأولي وتدريبهم المستمر. وفي هذا السياق، تجدد الألكسو خيارها الاستراتيجي المعزّز لضرورة العمل على دعم قدرات المعلم في الوطن العربي واعتباره قائدا لرسالة عطاء دائم وراسم لمستقبل وطن متطور.

وبهذه المناسبة، تذكّر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بأهمية الدور الذي يضطلع به المعلم في تحقيق السلام والتنمية المستدامة وتوفير التعليم الجيد الشامل والمنصف. ولا سبيل إلى ترجمة هذا الخيار على أرض الواقع إلاّ برسم سياسات تربوية تعتبر أنّ الاستثمار في التعليم يمثل موردا ثمينا لتحويل التعليم. وفي هذا الإطار تجدّد الألكسو دعوتها للمجتمع الدولي من أجل الالتزام بحماية حقوق المعلم ودعم قدرته على الاضطلاع بوظائفه وأدواره في التصدي للتحديات العالمية والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للبشرية. وفق هذا الأفق الإنساني تتشكّل مساعي المنظمة وتنتظم شراكتها مع جميع الدول والمنظمات العالمية لحشد الجهود الدولية الرامية إلى تأهيل المعلمين وفق ما تقتضيه السياقات الدولية الحديثة. ودعما لذلك، يساهم المجتمع الدولي في بناء قاعدة الاحترام ونحت بصمة الثقة بالمعلّم وتقدير الدور الذي يؤديه في تعليم الأجيال القادمة.

تتابع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بكل اهتمام الأزمة العميقة في التعليم التي تعيشها المجتمعات الإنسانية اليوم بدرجات متفاوتة، وهي ترصد بانتباه آثار هذه الأزمة من خلال ضعف النظم التربوية والتعليمية وفق معايير الاتاحة والاستجابة والاستدامة. ومواجهة لهذا الوضع، يوفر موعد اليوم العالمي للمعلم فرصة متجدّدة لطرح مسألة اعتبارية المعلم في بعدها الاستراتيجي وإدراجها كمكوّن رئيس في رسم السياسات وحشد الجهود وتغذية الطموح ودعم التضامن ونحت الحلول لتحويل التعليم في عالم سريع التغير.

وتنفيذا لهذا الخيار الدولي نرى اليوم العديد من النظم التعليمية والتربوية في العالم تستجيب لدعوة إعادة تجديد أنظمة التعليم، مانحة أملاً جديداً لأطفال العالم من أجل مستقبل أفضل، وساعية إلى تمكينهم من حقهم في التعليم الجيد والمنصف والشامل. ولنا أن نعتبر أهمية هذه الخيارات عندما نعلم أن حوالي 147 مليون تلميذ حُرِموا من أكثر من نصف أوقاتهم التي كان من المفروض أن يقضوها في المدرسة منذ عام 2020، وأن عدد الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدرسة في عام 2021 قد بلغ 244 مليونا، إضافة إلى تقدير نسبة الأطفال غير القادرين على القراءة وفهم المضمون عالميا ب 64.3٪ . ويعني هذا، في حالة عدم تجويد النظم التربوية والتعليمية وفق ما تقتضي السياقات المعرفية والتكنولوجية الحديثة، أنه في غضون سنوات قليلة سيشمل هذا الفقر في التعلم شخصا واحدا من كل ثلاثة أشخاص، في حين سيغادر 840 مليون شاب وشابة المدرسة في سن المراهقة دون مؤهلات للعمل في المستقبل.

وسعيا إلى تنزيل التعليم في مقام العامل الممكّن لكافة الاطفال على اختلاف وضعياتهم، بدل من أن يكون الفاصل القوى لتكريس التفاوت والفقر والتهميش، تلتزم الألكسو بالتعاون مع كل الدول بإيلاء الأولوية للتعليم والبحث عن التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة. وتؤكّد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أنّه سواء تعلقت إجراءات التطوير المطلوبة بدعم آليات مرافقة الأطفال، أو شملت المناهج والمضامين والمقاربات التربوية المساعدة على التعلم، أو دعّمت توظيف التكنولوجيات الرقمية، فإنها تتمحور جميعا حول تأهيل المعلم وتطوير درجة احترافيته المهنية. ولنا أن نذكر في هذا الصدد أهمية هذا الاهتمام الواعي الذي تباشره المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بشأن المعلمين في الوطن العربي ودعم خبرتهم المهنية سيما أنهم يمثلون مجموعة مرجعية مهنية مهمة في المجتمع العربي حيث يناهز عددهم 746 993 4 معلما عربيا من أصل 221 694 86 معلما على المستوى الدولي بما يقارب نسبة 5.76 ٪.

تثمّن الألكسو تواصل الاحتفال باليوم العالمي للمعلم واستمراره من سنة إلى أخرى، وهي بذلك تقدر الخيط الفكري الناظم لهذه الاحتفالات السنوية حيث تشهد المنظمة بكل فخر تحوّل الاهتمام خلال هذا الموعد الدولي المنتظم من الدعوة إلى " تمكين المعلمين وبناء مجتمعات مستدامة"، سنة 2022 إلى رفع شعار "المعلمون الذين نحتاج إليهم من أجل التعليم الذي نرغب به: ضرورة معالجة النقص في أعداد المعلمين على الصعيد العالمي" سنة 2023. كما تقدّر الألكسو بهذه المناسبة الوعي الجمعي الدولي بتقدير مهنة التعليم وبتعزيز كرامة المعلمين، وبتذليل الصعوبات التي تواجههم وبتدريبهم على ممارسات ملهمة ترمي إلى تحفيز الأطفال وترغيبهم في الإقبال على التعليم. إنّ الاعتراف بمكانة المدرسين وتثمين أدوارهم التربوية والتعليمية هي رسالة اعتراف وموعد ثابت في التاريخ لتجديد ثقة المجتمع الدولي في المكانة الاعتبارية والرمزية لصانع مستقبل الأوطان.

وتبعا لذلك تشيد الألكسو بكل الجهود الدولية الموجهة لحماية المعلم، وتثمن بهذه المناسبة كل المساعي الداعمة للمنزلة الاعتبارية لباني الأوطان. كما تؤكد أن هذا الاحتفال الرمزي الذي يقام سنويا على المستوى العالمي تمجيدا لدور المعلم في المجتمع يوفر فرصة دورية تجعل الفكر الدولي مجدّدا لمساعيه في معالجة مشاكله وتيسير أدواره لتنفيذها على أفضل وجه.

ولنا أن نستخلص هذا الخيار من خلال رؤية الألكسو المستقبلية في مجالات التربية والتعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا (2023/2028)، ومن خلال خططها المرحلية المتميزة بالتكامل والتنافذ بينها وفق خط فكري ناظم لمضامينها يجعل دوما مسألة تطوير أداء المعلم ودعم احترافيته محورها وهدف أنشطتها ومشاريعها.

وتجدّد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بهذه المناسبة اعتزازها بتناغم جهودها مع انشغالات الدول العربية، وتؤكد على تشبّثها بمبدأي الالتزام بالواقعية والتقيّد بالعقلانية المحلية في تنفيذ جميع أنشطتها النوعية ساعية إلى الاستفادة، كبيت خبرة عربي، من جهود كل الباحثين والمتخصصين التربويين في الوطن العربي. وهي بذلك تساهم في استشراف الحلول العربية المشتركة النابعة من ثوابت الفكر التربوي والمنسجمة شكلا ومضمونا مع الخيارات الدولية. وفي تقدير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فإن هذا المبحث الاستراتيجي المتعلق بكفاءة المعلم وخبرته المهنية يمثل إحدى المرتكزات المندرجة في مسار الجودة والالتزام بتحويل الوعود إلى إجراءات عملية تيسّر التقدّم بخطى ثابتة نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة.