بيان الألكسو في "اليوم العالمي لمحو الأميّة" 8 سبتمبر 2023

بيان الألكسو في  "اليوم العالمي لمحو الأميّة" 8 سبتمبر 2023

تحتفل المنظّمة العربيّة للترّبية والثّقافة والعلوم مع كافة شعوب العالم والمنظمات الدولية بـ"اليوم العالمي لمحو الأميّة" الذي يوافق 8 سبتمبر من كل عام، وهو خيار استراتيجي يندرج ضمن جهودها الرامية إلى تحقيق مبدأ "الحقّ في التّعليم الجيّد والمنصف والشامل وتعزيز فرص التّعلّم مدى الحياة للجميع" في إطار "أجندة التعليم 2030". 

وتعبّر المنظمة في هذه المناسبة الدولية عن وعيها العميق بأخطار هذه الآفة وآثارها السّلبيّة على المجتمعات الانسانية عامة، كما تؤكّد المنظمة بالمناسبة ذاتها عزمها على استمرارية التزامها الانساني وحشد جهودها المستمرّة منذ نصف قرن، بالتّنسيق مع الدّول العربيّة، لمقاومة هذه الظاهرة الخطيرة باعتبارها مدخلا للتّخلّف وعائقا للتّقدّم.

وحريّ بالمنظمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم بهذه المناسبة العالميّة التي تتعاضد فيها جهود شعوب العالم أن تذكّر بأنّ الإحصائيّات التّفصيليّة لمرصد الألكسو الذي يتولّى جمع البيانات ومعالجتها حول أوضاع الترّبية والثّقافة والعلوم في الدّول العربيّة تشير إلى أنّ عدد الأميين في الوطن العربي قد بلغ ما يقارب 70 مليون أمّي وأمّية من الفئة العمرية 15 عام فما فوق (من مجموع حوالي 763 مليون في العالم) وهو ما يمثل نسبة 9.1 %  من المجموع العالمي من بينهم 43.1 مليون من الإناث أي بنسبة 62 % ،مّما يؤكّد التفاوتات المسجّلة والخطيرة بين الجنسين. ولعلّ ما يزيد الوضع خطورة أن نسبة الأميّة في الدول العربية من المجموع العالمي تضلّ في ازدياد مستمر خلال السنوات الأخيرة وبنسق أسرع. هذا ونشير إلى أن عدد الأميين والأميات من فئة الشباب (15- 24 سنة) يقدّر ب 9.5 مليون ليمثل نسبة 9.57 %  من مجموع الأميين والأمّيّات في العالم من نفس الفئة. كما تؤكد من جهة أخرى الإحصائيات المتوفرة بمرصد الألكسو أن عدد الأطفال والشباب خارج المدرسة في الدول العربية قد بلغ حوالي 5 ملايين طفل في المرحلة الابتدائية و3.5 مليون في المرحلة الاعدادية وحوالي 7.5 مليون بالمرحلة الثانية من التعليم الثانوي ليصل عدد مجموع الاطفال والشباب خارج النظم التربوية في الوطن العربي حوالي 16 مليون طفل وشاب.

وبقدر ما تؤكد هذه الاحصائيات مدى عمق هذه الآفة الخطيرة، بقدر ما يتضاعف انشغال المنظمة بمدى ازدياد عدد الأمين والأمّيّات في الدول العربية في المستقبل في حالة عدم تغيّر الوضع التعليمي الحالي نحو الأفضل، وفي حالة عدم تسوية الأوضاع المأساوية الحالية في بعض الأقطار العربية، وفي حالة عدم وضع برنامج طموح لتحقيق الغاية 6 من الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. ونظرا لتسارع ارتفاع عدد الأميين والأميات في الوطن العربي بالنّسق الجاري خلال هذه السّنوات، تتوقّع التقديرات أن يبلغ عددهم سنة 2030 حوالي 98.6 مليون أمي وأمية من بينهم 40.7 مليون من الذكور و 57.9 مليون من الإناث. علما أن هذه الاسقاطات المتوقعة لم تأخذ بعين الاعتبار ما خلفته أزمة كوفيد 19 من آثار سلبية على الوضع التربوي عامة، وهو ما من شأنه أن يضاعف عدد الأميين والأميّات في الوطن العربي حسب تقديرات المرصد، وذلك كنتيجة للانعكاسات السلبية للجائحة من جهة ولعدم تكافؤ فرص الوصول إلى التّعليم من جهة أخرى.

وتذكّر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم  أنّ إحياء اليوم العالمي لمحو الأمّيّة هذه السّنة (8  سبتمبر 2023) يأتي في سياق انفراج نسبي للوضع الصّحّي في الوطن العربي بعد تراجع جائحة كوفيد 19، وإنّ هذه الأزمة الصّحّيّة تسبّبت في هدر تعليمي غير مسبوق وأثّرت على استمراريّة التّعليم بصيغه النّظامية وغير النّظامية، بما فاقم عدم المساواة في إتاحة الحقّ في التّعليم بين فئات المجتمع الواحد. وشعورا منها بدقّة الوضع وضرورة التّفاعل معه، تعتزم المنظّمة رفع هذا التّحدّي الكمّي والنّوعي لتجاوز هذا العائق الذي يحدّ من كلّ الجهود المبذولة لتطوير الموارد البشريّة على الوجه الأمثل واستغلالها في تنمية المجتمعات العربيّة. هذا ما ينحو بالمنظّمة بكل ثبات إلى مضاعفة الجهد وتعزيز مسالك التنسيق مع كافة الدول العربية بهدف وضع سياسات تربوية وبناء خطط عملية من شأنها أن تسدّ منابع الأميّة. والأكيد في هذا السياق أن العمل على توفير آليات الإلزام الكامل بالدّراسة للأطفال الذين هم في سنّ التّمدرس، وربط برامج محو الأميّة بالتمّكين الاقتصادي والاجتماعي لتشجيع الأميّين على الالتحاق بتلك البرامج، وتدارك الفاقد التّعليمي في مجال تعليم الكبار الذي تسببّت فيه جائحة كوفيد 19؛  ومراجعة استراتيجيات تعليم الكبار، لا سيما في المجتمعات الفقيرة ومناطق النّزاع باستحداث مراكز تعليميّة متنقّلة، ودمج الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصّة ببرامج محو الأميّة، سيساعد بدرجة عالية في التصدّي لارتفاع عدد الأميين والأميات في الدول العربية.

هذا وتشير الألكسو في هذا الإطار أن رؤيتها المستقبلية(2023/2028)، اعتبارا لما تقوم عليه من مبادئ الالتزام بالواقعيّة والتّقيّد بالعقلانيّة والمساهمة في تطوير الواقع التّربوي العربي وتطويره، ولما تستند إليه من خطط مرحليّة وأنشطة متنوعة تتميّز بالتّكامل والتّنافذ بينها وفق خطّ فكري ناظم لمضامينها، سيساهم في مزيد تعزيز السياسات التربوية العربية ودعم إجراءاتها العملية تطلّعا لغد أفضل للمواطن العربي. وتغتنم الألكسو هذه المناسبة للتأكيد على أنّ الثّورة الرّقمية التي شملت اليوم كل مناحي الحياة، تفرض معالجة قضيّة الأمّيّة في مفهومها الحضاري الذي يتجاوز مفهوم الأمّيّة الأبجديّة إلى الأميّة في أبعادها المتعدّدة : أبجديّة، ورقميّة، وثقافيّة. كما تؤكد المنظّمة في هذا الإطار على دعوة الدّول العربيّة والمنظّمات الإقليميّة، ومنظّمات المجتمع المدني إلى متابعة تنفيذ أهداف "العقد العربي لمحو الأمّيّة 2015-2024 " لتحديد مؤهّلات التّحرّر من الأميّة ووصف المعارف والمهارات والقيم والاتّجاهات التي من الضّروري أن يمتلكها الفرد للخروج من الأمّيّة.