كلمة معالي المدير العام في الاحتفال بالدورة الأولى للأسبوع العالمي للرواية

كلمة معالي المدير العام في الاحتفال بالدورة الأولى للأسبوع العالمي للرواية:

 

"معالي الدكتورة حياة قطاط القرمازي، وزيرة الشؤون

  الثقافية بالجهورية التونسية، 

  معالي السيدة السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة لمنظمة

  اليونسكو، 

   سعادة الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي، مدير عام

   المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، 

   أصحاب المعالي والسعادة، 

   أيها المبدعون والمبدعات،

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

نحتفل اليوم بإطلاق الدورة الأولى للأسبوع العالمي للرواية من مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم، وهي مناسبة نجدد فيها الشكر لكل الذين كان لهم دور وإسهام في إقرار هذه المناسبة التي تكرس تقديرا و فهما عميقا للرهانات الثقافية والفكرية والإبداعية للإنسانية في هذه المرحلة من تاريخها، وأخص هنا بالشكر والتقدير وزارة الشؤون الثقافية بالجهورية التونسية الموقرة، والمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا بدولة قطر الموقرة على جهودهما ودعمهما ورعايتهما لهذه المبادرة.

 

أيها السيدات والسادة،

 

 لقد جاءت مبادرة الألكسو بالأسبوع العالمي للرواية في إطار التأكيد على أهمية القراءة وقيمتها والاعتراف بها، وتقديرا لجهود المبدعين والكتاب في نقل المعارف والقيم وتبادلها، وبهدف تشجيع وتقدير الروائيين ودفعهم نحو التميز، وهوما يؤدي إلى رفع مستوى الاهتمام والإقبال على قراءة الرواية وزيادة الوعي الثقافي والمعرفي بهذا الفن.والأسبوع العالمي للرواية هو امتداد لمبادرة أخرى للمنظمة جاءت بالتعاون مع الحي الثقافي كتارا خاصة باليوم العالمي للرواية العربية أقرتها الدورة العشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، المنعقدة بالجمهورية التونسية في شهر ديسمبر 2016 . وتجد هذه المبادرات مرجعتها في الميثاق التأسيس لمنظمة الألكسو وميثاق منظمة اليونسكو اللذين يدعوان الدول الأعضاء إلى العمل معا لتعزيز المعرفة والتفاهم المتبادلين بين الشعوب من خلال حرية تداول الأفكار وتبادل المعارف، كما يجد الأسبوع العالمي للرواية مكانته ضمن خطة الألكسو الإستراتيجية(2023- 2028) (وأهداف العقد العربي للحق الثقافي(2018-2027) الذي يؤكد على حرية تنقل الأفكار وحرية التعبير وحق ممارسة وتشجيع الفنون بكل أنواعها. كما تتماشى مبادرة الاحتفال ﺑﺎلأسبوع العالمي للرواية مع مبادئ اتفاقية اليونسكو لعام 2005، بشأن حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي الموقعة في ﺑﺎريس في 20 أكتوبر 2005.

 

أيها الحضور الكريم،

 

تُعتبر الرواية أحد أشكال التعبير الثقافي الأقدم بدأ مع الحكايات والأساطير التي أبدعتها البشرية منذ قديم الزمان، وهي أحد مظاهر الهوية اللغوية والثقافية للإنسانية، وهي فن حامل للقيم الإنسانية التي تتقاسمها كل الشعوب، ونسق أدبي محفز للحوار والسلام والحب، ومخاطبة القيم الإنسانية حيث احتفظت الرواية عبر تاريخها الطويل بقدرتها على نقل وتوصيل القيم والتقاليد والرموز الثقافية بين الشعوب، وهي فن يعيد تأكيد إنسانيتنا المشتركة من خلال كشفها لنا أن الأفراد في كل مكان في العالم يتشاركون نفس الأسئلة والمشاعر والاهتمامات. كما تساهم الرواية في دعم حرية التعبير التي تشكل حمايتها والنهوض ﺑﻬا، جوهر مهمتنا و سيمكن الأسبوع العالمي للرواية من إيلاء اهتمام خاص بالكتاب والمؤلفين بوصفهم مبدعين وحاملين للأفكار وبناة للمستقبل وسيتيح مناقشة أفكارهم والاهتمام بظروفهم.

 

أيها الحضور الكريم،

 

تحتلُ الرواية مكانة خاصة في الثقافة العالمية سواء من خلال محتواها أو من خلال جماليات أسلوﺑﻬا الأدبي وحبكتها الفنية، والاحتفال بالرواية كنوع أدبي هو احتفاء بإنسانية الإنسان و بقوة الكلمة المكتوبة والمتعة التي تجلبها الحروف التي لا يخفت بريقها ولا يبطل مفعولها مع الزمن . لذالك يهدف هذا الاحتفال إلى تقدير المشاعر التي يمكن أن يخلقها فينا فن الرواية من خلال تكوين علاقات ذات مغزى، وتوسيع عقل الفرد حول المشتركات الإنسانية.

 

وتعكسُ الرواية أكثر من غيرا ها من أنواع التعبير ثراء الثقافة الإنسانية و تنوّعها وهو ما يُؤكد دورها كعامل فاعل لتحقيق ودمج التغيير الإيجابي في المجتمع الإنساني. ويمثل الاحتفال بالرواية والروائيين فرصة للاحتفال بأشكال الثقافة المتعددة بما في ذلك التراث الثقافي المادي وغير المادي والصناعات الإبداعية ومختلف أشكال التعبير الثقافي، إضافة إلى التأمل بكيفية إسهام هذا الفن الثري والنبيل في تعزيز أواصر الحوار والتفاهم المتبادلين وسبل نقل مكتسبات التنمية الاجتماعية والبيئية والاقتصادية المستدامة بين الشعوب.

 

ضيوفنا الأعزاء،

 

في الثالث عشر من أكتوبر سنة 1988،اعترف العالم اجمع بقيمة ومكانة الرواية العربية ضمن نسيج الأدب العالمي المرموق وذالك بمنح جائزة نوبل للأديب العربي العالمي الأستاذ نجيب محفوظ ،وفيما بدا شرحًا لأسباب الاختيار أشارت الأكاديمية السويدية إلى أنه شكّل من خلال أعماله الغنية بالفوارق الدقيقة فنًا سرديًا عربيًا ينطبق على البشرية جمعاء، منوهة إلى ما يكتنف رواياته من واقعية وغموض. ومن اجل مناصرة هذا الفن الذي ينطبق على البشرية جمعاء ويعكس كينونة إنسانيتها ومشتركاتها الحضارية ندعو الجميع للانضمام إلينا في هذا الأسبوع لمناصرة الرواية والروائيين، والكتابة والكتاب، وحماية حقوق المؤلفين والمبدعين، ونحن ندعوكم بهذه المناسبة إلى تشكيل منبر يجمع الملايين من الناس في جميع أرجاء العالم، يجمع كل الأطراف المعنية وفي مقدمتها الروائيون و المبدعون والكتاب، والناشرون والمعلمون والطلاب وأمناء المكتبات والمؤسسات الثقافية العامة والخاصة والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام وكل من يتحفّز للعمل الجماعي في هذا الاحتفال العالمي بالرواية والروائيين.

 

أيها السيدات والسيادة،

 

ستستمرُ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم –الالكسو- في الدفاع عن الإبداع والتنوع والمساواة والحق في الانتفاع بالمعارف للجميع، كما ستسمر في دعم ورعاية المبدعين والكتاب والروائيين في الوطن العربية ضمن خطتها الاستيراتيجية والتزامات العقد العربي للحق الثقافي. كما ستستمر المنظمة بالعمل الوثيق مع شركائها من وزارات الثقافة بالدول العربية والمؤسسات الثقافية والمنظمات الدولية والإقليمية على تشجيع الحوار والتواصل بين الثقافات من أجل ضمان تبادل ثقافي أكثر كثافة وتوازنا بين الشعوب والثقافات دعما للتفاهم و السلام بين كل البشرية.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".