اليوم العالمي للترجمة

اليوم العالمي للترجمة

الترجمة مهنةٌ نبيلةٌ محورها نشاطٌ معرفيٌّ وفضاءٌ ثقافيٌّ وإبداعيٌّ، وتتجلى أهميتها في كونها تُفضي إلى تقارب الثقافات والشعوب، ونشر علومها المختلفة على نطاق أوسع بدلاً من حصر فائدتها في المجتمع المحلي. إنها تسمح بحوار الثقافات بين مختلف الشعوب والأمم، على اختلاف لغاتها وأعراقها ومعتقداتها، بدلاً من الانكفاء محلياً في عصرٍ أصبحت فيه العولمةُ هي السمة الأكبر.
وإحقاقاً لأهمية الترجمة، أطلق الاتحاد الدولي للمترجمين (تأسس عام 1953) فكرة الاحتفاء "باليوم العالمي للترجمة" منذ العام 1991، كمناسبة لإظهار التعاون بين المترجمين في أنحاء العالم، ولتعزيز أهمية الترجمة وأعمال المترجمين. ثم تجاوبت الجمعية العامة للأمم المتحدة مع هذا الطرح واعترفت بهذا اليوم واحتفت به للمرة الأولى في 30 أيلول/سبتمبر من العام 2017. وجاء في بيان للأمم المتحدة بتلك المناسبة:
” يُقصد باليوم الدولي للترجمة فرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دورًا مهمًا في التقريب بين الدول والشعوب والثقافات ، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين. إن نقل العمل الأدبي أو العلمي، بما في ذلك العمل الفني، من لغة إلى لغة أخرى، والترجمة المهنية، بما في ذلك الترجمة المناسبة والتفسير والمصطلحات، أمر لا غنى عنه للحفاظ على الوضوح والمناخ الإيجابي والإنتاجية في الخطاب العام الدولي والتواصل بين الأشخاص“.
وانطلاقاً من أهمية الترجمة، فقد وضعت المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم- الخطة القومية للترجمة التي أقرها مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي بالجزائر 9 – 11 مايو 1983.
لقد وجهت الألكسو المراكز والإدارات التابعة لها نحو إغناء المكتبة العربية بالترجمات الأدبية والثقافية والعلمية من مختلف اللغات، ووضع الكثير من المعاجم المتخصصة التي تساعد المترجمين على نقل المعارف من مختلف الثقافات إلى لغتنا العربية. وفي هذا السياق لم يوفر المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق، وهو أحد المراكز التابعة للألكسو، جهداً إلا وقدمه لتكون الحصيلة ترجمة العشرات من الكتب المهمة ورفد المكتبة والجامعات العربية بما يعينها في توفير المراجع الدراسية المهمة.
تعددت المؤسسات العربية الرسمية والخاصة التي تهتم بالترجمة، وانبرى عدد كبير من المترجمين للتصدي لهذا العمل، وهم يعملون إفرادياً أو تحت إشراف هذه المؤسسات التي تستغل جهودهم بعضها. ولهذا فالحاجة ملحةٌ لمأسسة هذه العملية وتنظيم هذه الجهود، ولا نرى أفضل من المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم- ألكسو لتقود هذه العملية وتطوي تحت عباءتها هذه الجهود كلها ضمن خطة مدروسة ومنهجية تسمح بالتقدم والرقي بهذه المهنة وحصيلتها وتمنع تكرار ترجمة الكتاب ذاته من قبل أي جهة أو مترجم، وتحفظ للمترجمين، رُسل اللغة بين الشعوب، حقوقهم وتنظم جهودهم.