تحتفل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" والدول العربية في العاشر من مارس من كل عام، باليوم العربي للمكتبات، إيمانًا منها بأهمية المكتبات كجسور للمعرفة وأدوات رئيسة لحفظ التراث الثقافي العربي، فضلاً عن كونها مراكز إشعاع فكري تساهم في نهضة الشعوب، ويأتي هذا اليوم تأكيدًا على الدور المحوري الذي تؤديه المكتبات في تشكيل الهوية الثقافية وتعزيز الفكر النقدي والإبداعي، حيث تعدُّ مراكز تعليمية ومعرفية تسهم في التنمية المستدامة.
ارتبطت الحضارة العربية ارتباطًا وثيقًا بالكتاب والمكتبات، فأنشأت مكتبات كبرى مثل مكتبة الإسكندرية، ومكتبة بيت الحكمة في بغداد، ومكتبة قرطبة، وخزائن الحكمة في العصر العباسي، ومكتبة آشور بانيبال التي احتوت على آلاف الألواح الفخارية، وقد أسهمت هذه المكتبات في حفظ المعارف ونقلها بين الأجيال، وكانت مراكز ريادية في البحث العلمي والفكر الإنساني، واليوم؛ تواصل المكتبات أداء هذا الدور التاريخي ولكن باستخدام أدوات أكثر تطورًا، حيث أصبحت الرقمنة أحد أبرز التحولات التي تشهدها المكتبات الحديثة لضمان سهولة الوصول إلى المعلومات، وحماية المخطوطات من التلف، وتمكين الباحثين من الاطلاع على الوثائق التراثية إلكترونيًا.
وفي إطار جهودها المستمرة، تحرص الألكسو على دعم المبادرات التي تهدف إلى توفير المعرفة للجميع، بمن فيهم ذوي الإعاقة، من خلال تطوير المكتبات الرقمية التي تحتوي على كتب ناطقة ومصادر تعليمية بتقنية برايل، كما تسعى إلى تعزيز التعاون بين المكتبات العربية والدولية لإنشاء أرشيف رقمي عالمي مفتوح المصدر يتيح للباحثين والطلاب الوصول إلى المعلومات بسهولة. كما تتابع باهتمام ثمار الثورة الرقمية العالمية التي أتاحتها التقنيات الحديثة للباحثين من إمكانية الوصول إلى مكتبات عالمية متنوعة عن بعد، وتسعى الألكسو إلى استثمار هذه التقنيات ضمن برنامج طموح لرقمنة جميع إصداراتها من كتب وموسوعات وقواميس، لتيسير الوصول إليها من قبل الباحثين.
وبمناسبة اليوم العربي للمكتبات، تدعو الألكسو جميع مؤسسات المجتمع، بدءًا من الأسرة والمدرسة، بتعزيز الاتجاهات الإيجابية نحو القراءة، وتشجيع الأطفال والشباب على الاستفادة من المكتبات، سواء كانت منزلية أو مدرسية أو عامة أو جامعية. فالقراءة ليست مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هي جسر للتفاعل الثقافي والتسامح والانفتاح على الآخر، مما يسهم في بناء مجتمعات أكثر وعيًا واستقرارًا